محاور علامات الساعة(الإمام المهدي-1-)

أضيف بتاريخ 06/05/2024
Aysha Møhammêd


المحور الرابع : الإمام المهدي .

قبل ما اخوض في ظاهرة الإمام المهدي ، أود أن أوضح بعض الأمور المهمة جداً ، وذلك على النحو التالي :

أولاً : منهجي في التعامل مع علامات الساعة .

لقد تعاملت مع علامات الساعة من قرابة العقدين من الزمان أو من قرابة 25 سنة تقريباً ، في مرحلتي الأولى كنت أقرأ تهاويل كثيرة مضطربة جداً في الكتب ، وآثار متعارضة تشتت الفكر بدلاً من أن توجهه التوجيه الصحيح ، وطبيعتي العلمية أبت علي أن أسير بهذا النهج ، لذا بدأت بتنظيم الأفكار بطريقة علمية كانت خلاصتها كتاب الموسوعة وكتاب كتب في ميزان الشرع .. وذلك قبل أكثر من 14 سنة تقريباً ، وبعد إنهائي من الكتابين أصبح لدي تصور علمي منطقي للأحداث بعيداً عن العاطفة والتهويل ، وبعيداً عن الاضطراب الفكري ، وما زال كتابي حتى هذه اللحظة كما أظن أنه من أفضل الكتب التي تخصصت في علم علامات الساعة بما يحمله من اجتهادات مرتبة ترتيباً علمياً ومنطقياً مقنعاً ، وخلال هذه السنوات بعد كتابتي للكتاب لاحظت أن فهمي تقريباً كان موفقاً في فهم ظاهرة علامات الساعة ، وكل يوم كانت تأتيني قرائن تؤكد لي على أن أكثر اجتهاداتي كانت في محلها .

وخلال هذه المرحلة كانت تخرج اجتهادات من هنا وهناك وكانت تشتهر وتنتشر أكثر من علمي ويشع نورها بما يطغى على اجتهاداتي ، ثم بعد مرحلة تخبو تلك الاجتهادات ويظهر للمتابعين ضعفها ، والسبب أنها اجتهادات لم تعتمد على منهج علمي واضح ؛ لذا يكثر فيها الخلل والاضطراب ، وكان عامل الوقت يكشفها .

صحيح أن أكثر المتابعين لمسألة المهدي وعلامات الساعة حركهم من الدرجة الأولى الأزمة التي تعيشها الأمة والبحث عن مخرج لها .. لكنهم لم يتسلحوا بعلم واسع يتناسب وطبيعة هذا العلم الحساس ؛ لذا اكثرهم كان يقع فريسة للأوهام وللأفكار الجزئية بعيداً عن التصور الكلي ، و من هذا الوجه أقول : أكثر الخائضين في هذا العلم للأسف لا يمتلكون القدرة على التمييز بين العلم الرصين المضبوط وبين الأفكار الجزئية العاطفية المضطربة .. وهذا ما جعل سوق الكثيرين رائجاً أكثر من سوقي ، والسبب هو أننا في مرحلة بينها النبي عليه السلام أنه زمان يلتمس فيه العلم عند الأصاغر أو زمان يموت فيه العلم ، أو زمان يفشو فيه الجهل ويضيع العلم ... فهذه من علامات الساعة التي فصلت فيها ، وهي ما نعيشه بدقة ، وسبق في كتابي أن بينت كيف أن الناس في بلدي حتى الطبقة المتعلمة كانت تجري وراء الكتب التجارية التي تعج بالأكاذيب والتهويلات ، وعندما أخرجنا لهم كتاباً يفضح هذه الكتب زهدوا فيه ، لأنه يظهر أن الناس تحب من يغرقها في الوهم لا من يخرجها منه .. وهذا الواقع للأسف هو الغالب حتى على أكثر المواقع الحالية التي تخوض في علم الفتن والملاحم .. فالناس يستميلها كل غريب وعجيب ، ويهيجها كل فكرة ترضي أهواءها النفسية وإلحاحاتها الداخلية ، هذا الواقع جعل جهدي يتعثر في وصوله للكثيرين ، لكنني على قناعة تامة أنه من تمرس على القراءة في مدوناتي سيكون بعيداً عن الاضطراب الفكري في فهم ظواهر الفتن والملاحم ، وذلك إذا أحسن فهم مغازي ودلالات ما أكتبه .

وخلال تجربتي لم أكن حريصاً جداً على اقناع الآخرين ، فكل إنسان وشأنه ، أنا مطلوب مني أن أضع الذي ينجيني عند الله ، وأن أتقي الله فيه ما استطعت ، أما النتيجة فأتركها لله الحكيم الخبير .

 

ثانياً : اجتهاداتي الظنية في سياق المدونة .

هناك اجتهادات ظنية لي في سياق المدونة منها على سبيل المثال المهدي والرقم 7 ، والقلادة ، والمهدي واللون الأحمر ، ورفات الخضر وغيرها ، فهي اجتهادات مرتبطة بالرؤى ، وعالم الرؤى عالم غريب ، لذا في اجتهاداتي كانت أحاول الاحتياط ما استطعت ؛ لذا لم أتعامل بالرؤى بطريقة المعبرين الآخرين ، بل سرت بمنهج كلي لا أتعامل فيه إلا مع رؤى متنوعة يصدق بعضها بعضاً بحيث تضفي مصداقية على عدة أمور منها الأول : كونها رؤى حقيقية ، الثاني : ليس للشيطان مدخلاً فيها ، الثالث : كون دلالتها تعززها رؤى أخرى .

على سبيل المثال : رؤى المهدي والرقم 7 أبرزت لنا أن مرحلة الابتلاء والتجربة تستمر سبع سنوات ، ووفق فهمي رأيت أنها تنتهي مع بداية 2018 أو مع بداية 2019 م بزيادة سنة لأن المسألة اجتهادية في تقدير بداية هذه السنوات .. هذا الفهم عندي لم يضطرب حتى اللحظة ، بل كل الدلائل تصدقه ؛ لذا يذكر بعض المتابعين لي في الفيس أنني نزلت مقالة مع بداية السنة اعتمدت فيها قول سيدنا يوسف عليه السلام : ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ... وسألني البعض هناك هل أنت تقصد مدلولها ، وأنا أقول هنا نعم كنت أقصد مدلولها لذا توسعت في بيان معنى العام الذي يختلف عن معنى السنة فهو يتحدث عن موسم قد يكون في آخر السنة وقد يكون أولها ... معنى الكلام هنا أننا والله أعلم على أبواب أمور حيوية ستتضح لنا خلال هذه السنة أو في آخرها وبداية السنة القادمة .. لكن بدون تهويل الأمور التي ستتضح لا يشترط أن ينتبه لها الجميع ، بل قد تكون البداية مع الخواص المعنيين ، لكنها ولأول مرة ستكون بداية الخيط لنا في الربط بين عالمي الغيب والمشاهدة في فهم الأمور بطريقة واعية صحيحة .

 

ثالثاً : فهم الآخرين .

بأذكر خلال تجربتي أن البعض يقول لماذا تثق باجتهاداتك ، أليس هذا يكسبك ثوب الغرور ، قرأت كلاماً شبيهاً قبل أيام هنا في المدونة ، بداية أوضح أن صاحب العلم لابد أن يكون واثقاً مما يقدمه وإلا لو كانت متشككاً فالأجدر به ألا يقدمه للناس على أنه علم .. لأنه بذلك يفتن نفسه ويفتن الناس وراءه ، ثانياً : ما أقدمه من علم هنا ليس فضيلة لي ، بل هو فضل الله علي ، فأنا هنا أتكلم عن فضل الله علي ، وإلا فالمسألة ليست من باب الذكاء أو من باب التوسع في قراءة الكتب ، بل هو فضل خالص لله يسبغه على من شاء من عباده ، كذلك لا أرغب في ترك الساحة فارغة من صاحب علم يذود عن الحق ما استطاع .. أما عن اجتهاداتي فدائماً أسيجها بقول الله أعلم ، أو أظن بعيداً عن الألفاظ المطلقة ، لأنها في النهاية اجتهادات ظنية قد تصيب وقد تخطئ ، فالصواب هو من توفيق الله والخطأ مني ومن الشيطان .

وللأسف عندما أجد البعض يركز على هذه القضية لا أجده يركز عليها عند الكثيرين ممن يتخوضون في هذا العلم بغير علم ... المواقع والنت مليء بالشطحات وكنت لا أجد إلا ثناءً على أصحابها وكثرة روادها ، والعلم المضبوط نجد كثرة ممن ينتقدون بما لا يعلمون .

وللأسف بعض النساء وقعن فريسة لبعض الواهمين من جهة ولبعض الدجالين من جهة أخرى ، اذكر ان احدى الأخوات اتصلت علي على الفيس وقالت : كنت أبحث عنك وأريد أن أتواصل معك لكي تبايع شخصاً على أنه المهدي قبل ثلاثة أشهر ، لكن لم يتيسر لي الاتصال بك ، لكنني أتصل بك الآن لأقول لك أنني وقعت في شباك واحد دجال سوق نفسه على أنه المهدي .

هنا أود أن أوضح فكرة مهمة جداً لا بد أن يفهمها الجميع ، اعلموا جميعاً أن الإمام المهدي قد وصل لدرجات في العلم والحكمة تجاوزت بكثير كل ما نتصوره ، فعلى سبيل المثال لو كان العلم عبارة عن مائة خطوة فالمهدي وصل في حدود ظني وما فهمته من الرؤى إلى 99 خطوة في هذا المجال ، ولم يبق أمامه إلا باباً واحداً موصداً ويدخل في غمار المرحلة النهائية ، هذا ما تذكره الرؤى الصحيحة عن ظاهرة الإمام .

فهذه قناعتي ، بل قناعتي أنني بالرغم من معرفتي أن الله قد حباني بعلم جيد إلا أنني لم أتجاوز خطوة أو خطوتين من هذه المائة خطوة ، فأنا مقتنع من الناحية العلمية أنني بين علمي وبين علم الإمام حفظه الله بون شاسع يتجاوز 96 خطوة من الخطوات المائة .

لذا رؤية الأطفال يجلسون أمام المهدي في السماء وهي رؤية سبق أن شرحتها في الفيس فيها إشارة إلى أن المهدي وصل في العلم مرحلة الرشد بينما من حوله في العالم الافتراضي هم أطفال ، إنها طفولة العلم وطفولة العقل ، فنحن بعلمنا أمام علم المهدي كأطفال ، وطبعاً أنا واحد من هؤلاء الأطفال من الناحية العلمية أمام رشد الإمام المهدي وعلمه ، وإلا لو لم يكن كذلك لما ساغ لأحد اتباعه وأولهم أنا ؛ لذلك كنتت أضحك من بعض الأدعياء مما لا يمتلكون شيئاً من العلم ولكنهم لبسوا ثوب المهدية ويتذرعون بمسألة الإصلاح وكأن الإصلاح سيحول الأرنب إلى سوبر مان .

فهذا هو المنطق الطبيعي ، فالصحابة مهما بلغوا من قوة علمية وقدرات خاصة كالفاروق وأبي بكر وابن عباس وابن عبد الله وأبو عبيدة وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم فهؤلاء كلهم على مكانتهم وكرامتهم كانوا كالأطفال بين يدي رسول الله لا يقدمون بين يديه شيئاً .. وإلا لو لم يكونوا كذلك لما كان منهم اتباعه والانصياع لأمره . وأصدق دليل على ذلك قول أنس عندما قال : (لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا نَفَضْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا»

لقد أنكروا قلوبهم ، وهاج عمر بن الخطاب منكراً أن يكون النبي عليه السلام قد مات ، وعندما اجتمع هو وأبو بكر عند أم سليم بكيا كالأطفال شوقاً للحبيب محمد عليه السلام .. فالنبي كان بالنسبة لهم كالسراج المنير ... والمهدي رمزيته بالقمر والبدر والكوكب الذري ، فهل المهدي هو الموجود في حفاظته أو يرضع من هذه أو تلك ، أو أن هذه أمه وهذه مخرجته وهذه التي ينتظر منها إشارة ليتحرك وغير ذلك من توصيفات تسللت لتقزيم ظاهرة المهدي ومسخها .

هؤلاء أصبحوا كمن يضرب المندل وهو يبحث عن المهدي كلها تخرصات في غير موضعها ، وسبحان الله نزلت رؤية قبل أيام ترشد إلى بعض من اشتهروا في هذا السياق ووصفته كأنه يضرب بما يشبه المندل في بحثه .

أقول : كل هؤلاء يسيرون في طريق منتهاها سراب وتكثر فيها النكسات ويتخللها الإحباط ، وهنيئاً لمن سار في طريق العلم متواضعاً يعرف نفسه ويضعها موضعها دون مبالغة ، قد يطول عليه الطريق ، لكنه على الأقل يسير في طريق واضحة المعالم ... وأسال الله لي ولكم الوصول ان التزمنا الأصول .