مازلنا في هذا المحور الهام في محاولة لفهمه مع البند الثاني
ثانياً : اللقب .
نلحظ أن أهم ما يميز ظاهرة مصلح آخر الزمان هو ذلك اللقب الذي اختاره له النبي الأعظم ، وهو لقب المهدي .. فهذا اللقب لا يصدق إلا على مخلص آخر الزمان ، كما أن هناك صديقون كثر ، لكن عندما تقول الصديق مباشرة يتجه فكرك نحو سيدنا أبي بكر .. لماذا لأنه تميز بهذا اللقب لدرجة لا يغالبه به أحد عند إطلاقه .
فالمهدي أهم ما يميزه هو لقبه ... وهنا يأتي تساؤل مهم جداً وهو لماذا هذا اللقب بالذات ، فمدلول اللقب يرشد إلى أن الرجل ينال هداية أو يهدى لهداية ما ... قطعاً ليس المقصود بها الهداية العامة أو الهداية الخاصة المعهودة والمتصورة عند الكثيرين ... بل هداية ما مهمة جداً ومحورية تجعلنا جميعاً نقول هذا اللقب بملء فينا عندما نراه .. في الآثار أنه يهدى لأمر خفي ، وفي بعضها يهدى للتوراة والإنجيل في بعض الجبال ، وفي غيرها يهدى لأمر دثر وغاب عن أعين الناس ...
أيها المقصود لا نعلم ، لكن خلال فهمي وتجربتي فإن الأمر الذي يهدى إليه سيكون كبيراً جداً ، وقد يفوق بكثير كل تصوراتنا ... وإن صدقت بعض الرؤى فالإمام المهدي سيصل إلى ما وصل إليه داود وسليمان عليهما السلام في تجربتهما .. ولعل هذا سر رؤيا أن ملك سليمان سيكون تحت عضد أربعمائة من أمة محمد عليه السلام .
بل ما فهمته من بعض الرؤى أن الإمام في سباق وصراع مع العالم الآخر نحو هدف ما ، هذا الهدف ما زال مجهولاً لدي ، لدى جاءت رؤية صريحة قبل أيام فيها الدجال ويطلب بسرعة تعطيل الرجل عن مهمته .... ولعل هذه الرؤية وعشرة رؤى أخرى تقريباً أفهمتني أن علم المهدي وحكمته وصلت مبلغاً بعيداً جداً عن فهمنا التقليدي .
البعض هنا يقول : ما الذي تقوله ؟ أقول لهم : وما الذي تفهمونه انتم في هذه الظاهرة إلا بعض المعلومات البسيطة ؟ كل ما تعرفونه أنه المهدي ، لكن لماذا المهدي فلا تمتلكون أي إجابة مقنعة ... فالإجابة المقنعة هي ما ترون غداً ، لا ما تعلمون اليوم .
إذاً سر المهدي في لقبه ، فهذا رجل يعد في الخفاء ليغير موازين بين النقيضين ، تملأ ظلماً ... يملأها عدلاً ... تملأ جوراً .. يملأها قسطها ... هل هذا الأمر ببساطة سيكون ، لا يمكن أن يكون بسيطاً .. خاصة في ظل عالم تمكن فيه أهل الباطل من كل شيء ، يملكون السماء ( أقمار صناعية – غزو فضاء – طائرات متنوعة ، صواريخ عابرة للقارات – تكنولوجيا متسارعة جداً ) ويملكون حتى التنصت علينا في بيوتنا ، بل أصبح لديهم القدرة على فهم شخصياتنا أكثر من معرفتنا لأنفسنا ، يمتلكون أسلحة لو تم تسليطها علينا لما بقي أحد على الأرض ، تغلغلوا في أسواقنا وجامعاتنا وبيوتنا وفي فكرنا وفي سلوكنا وفي كلي شيء حولنا .. ويمتلكون قدرات عجيبة جداً ...
هذا هو العالم الذي نعيشه حالياً .. وما نراه من قدرات عمل لدى الكثيرين حالة استرهاب ( واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ) ، فلو أضفنا لذلك ما نسمعه عن الحكومات الخفية وما تخطط له وكيف تغلغلت في الاقتصاد والسياسة ، ثم لو أضفنا لذلك أيضاً متوالية إبليس والماسونية وعبدة الشيطان والسحرة والعالم الخفي الذي لا ندرك منه إلا القليل .
المعركة بكل عناصرها أكبر بكثير من تصوراتنا ؛ هنا يأتي لقب المهدي ليرشد إلى أمور كبيرة جداً تمتلك القدرة على الدخول في هذا الصراع وتغيير الموازين كما حصل لموسى عليه السلام في القدرات الخاصة التي امتلكها واستطاع بمفرده تغيير الموازين تماماً .. طبعاً ضمن منظومة صراع الحق والباطل بإذن الله وضمن مدلول قوله تعالى ، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه .
طبعاً البعض قد يقول : سيكون معه جبريل وميكائيل وهذا يكفي ، أقول : ويكفي ما هو أقل من جبريل وميكائيل أي ملك من ملائكة السماء كفيل بإنهاء المعادلة ، لكن ليست هذه سننية الصراع ، فيكفي في فرعون أن يرسل الله عليه حاصباً يهلكه ومن معه ، لكن سننية الصراع اقتضت أن يكون للإنسان وللحق في الأرض جولة مراغمة من خلال موسى عليه السلام ... و هكذا ظاهرة الإمام المهدي .. والسر في لقبه ... ولقبه يرشد إلى هداية مجهولة خفية لدينا ... لكنها الأهم في صراعه ومراغمته الباطل ... لذا عندما قلت لم يبق إلا باباً واحداً كما ارشدتني أكثر من رؤية ، فمعنى الأمر أن هذا الباب هو الذي يحمل سر اللقب الذي يدخل المهدي في سور العزة وغمار الحكمة ... ومن دخل سور العزة فهو غالب لا مغلوب بإذن الله .
لذا اتعجب من كل هؤلاء الأدعياء بعيداً عن الوصول لمدلول اللقب ، يأتيك من يقول لك أنا المهدي ... تسأله بماذا أنت المهدي ؟ يقول لك هناك رؤى .. تسأله وغير الرؤى التي تتميز بأنها حمالة أوجه .. ماذا لديك من أشياء مميزة تتعلق باللقب ، ما هي الهداية الخاصة التي تميزت بها فيذكر لك أشياء لا معنى لها ولا أثر لها ، وبعض الموافقات التي تحصل له ... أو يقول لك انا مبتلى نفس الابتلاء المذكور في الرؤى .. هناك ثلاثمائة مليون عربي مبتلى وبعضهم فيه أكثر من المطروح في الرؤى . أقول كل هؤلاء بعيدون جداً حتى عن الفهم الحقيقي لظاهرة المهدي ؛ لذا لُبس عليهم الأمر .. لذا أنا لا أنظر لبعض المواصفات لأن كثيراً من الروايات مضطربة في الدلالة على ظاهرة المهدي وكما ذكرت ظاهرة المهدي أكثر ظاهرة تسلل لها الوضع والمزايدات ... نعم هناك صفات قليلة ثابته أما أكثر المواصفات فهي مضطربة .
وما دامت المواصفات ليست هي الحاسمة ، إذاً لم يبق لدينا شيئاً حاسماً إلا اللقب نفسه .. أو قرينة ربانية عظمى صريحة من السماء تشير إلى رجل بعينه .. أو جيش الخسف أما غير هذه العلامات فكله موهم ولا دلالة عليه ... من قال لك أنه المهدي فقل له ما دليل مهديتك وما هو الشيء الخفي المميز المهم الذي يرشد إلى أنك تستحق اللقب ، ولا بد لهذا الشيء أن يكون له علاقة جوهرية في مراغمة الصراع بين الحق والباطل ، أو توجيه بوصلة الحق لأمر عظيم خفي على الناس .