محاور علامات الساعة(الإمام المهدي-3-)

أضيف بتاريخ 06/07/2024
Aysha Møhammêd


ما زلنا في هذا المحور الهام في محاولة لفهمه جيداً من جوانب عدة ، ويمكن بيان ذلك في البنود التالية .

البند الأول : المهدية والمتمهديين .

خلال تتبعي للتاريخ وجدت أن ظاهرة المهدي قد نالت الحظ الأوفر من الاستغلال والأوهام والإدعاء ، بحيث من القرن الثالث لم يخل قرن من أدعياء للمهدية ، بل في كل قرن كنا نجد من كثير من الكتاب أنهم كانوا يؤكدون أن هذا زمانه ، ولاحظنا أن محمد بن عبد الله النفس الزكية كان يأمل بها ، ويقال أن جملة من الآثار الواردة في نعيم بن حماد إنما وضعها بعض مؤيدي هذا الإمام منها على سبيل المثال : أن المهدي فيه ثقل في لسانه ، وأن المهدي يضرب على فخذه عندما يتكلم .. فهذه الأوصاف وغيرها كانت موجودة في محمد بن عبد الله النفس الزكية وكما قال ابن كثير أنه كان يأملها ولم يحصلها ..

ففي كل مرحلة من مراحل التاريخ كانت تخرج آثار توافق أناس في ذلك الزمان تتوافق مع بعض من كانوا يأملون بالمهدية ... جملة من هذه الآثار موجودة عند نعيم بن حماد وعند غيره ، للأسف عدم فهم هذا التاريخ الذي تنتمي له هذه المرويات كان له الأثر في توجيه أفكار الكثيرين بعيداً عن الفهم الصحيح ، وهنا يأتي قيمة العلم .

مسألة أخرى لاحظتها وهي أن طبيعة الأحداث التي مرت بها الأمة عبر التاريخ جعلت البعض لا يحسن تقدير المرحلة جيداً ؛ لذا كان في كل قرن يخرج من يقول ان علامات الساعة اكتملت وهذا زمان المهدي ، راجع القرطبي في التذكرة ، والبرزنجي في الإشاعة ، والقنوجي في الإذاعة وغيرها تجد بالفعل أن أصحاب هذه الكتب كان عندهم تصور قوي أنه أضلهم زمان المهدي ... ومرت السنون ولم يخرج في عهدهم الإمام المهدي .

نأتي الآن لعصرنا نجد بالفعل أن كل المعطيات ترشد إلى زمانه بقوة ، لكن مع فارق حيوي مهم عن الأزمنة السابقة ، وهو أنه بالفعل اكتملت الصورة وظهرت علامات كثيرة في عصرنا ترشد إلى أننا بالفعل في زمانه ، وما انتظره الأولون نحن أهله الحقيقيون .

على سبيل المثال المهدي يكون بعد الجبرية ، والجبرية حصلت بعد القنوجي والبرزنجي ، المهدي متعلق بظاهرة هرج غير مسبوقة ، وهذه نلاحظها بقوة في زماننا ... وهكذا لو تتبعنا كثيراً من العلامات والإرهاصات نجدها قد اكتملت صورتها في زماننا .

لكن ما أود الإشارة له هنا هو أن ظاهرة بحجم ظاهرة الإمام المهدي كان يتصور وقوعها البعض في العهود الأولى حتى يومنا ، هذه الظاهرة لا نتوقع أن تحصل في يوم وليلة ، وما اختلط على الأولين في قرون ، قد يختلط علينا في سنوات .

لذا رؤية هلال المهدي ، لا يراد بها السنة أو الشهر ، بل يراد به الحقبة من الزمان ، أي أن هذا الزمان زمانه .

ما يميز عصرنا بالفعل ويلفت الانتباه بقوة هو أن عالم الرؤى ، وهو عالم مهم كما بينت في بعض المقالات ، هذا العالم بدأ يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن ظاهرة المهدي دخلت في طور الحقيقة المخفية التي تنتظر الانكشاف في كل لحظة ، وهذا واضح من الكم الهائل من الرؤى سواء المصرحة باسم المهدي وهي أضعف الرؤى أو القمر أو الرسول أو حتى الأنبياء .. هذه الرمزيات كلها وهذا الكم الهائل يرشد بقوة أن الإمام المهدي هو حي بيننا ويرتقي ويتسامى في تجربته الخاصة يبتلى ويواجه ، له نصيب من عالم الإنس في صراعه وله نصيب في عالم الجن والشياطين في مواجهاته .. فالرؤى كشفت الكثير من هذه الظاهرة .

والعجيب أن الرؤى ترشد بقوة وخلال تنامي مقنع ومطرد نحو تجربة متكاملة تمر بمراحل متعددة ، وخلال العشر سنوات الأخيرة أبرزت الرؤى قرابة الأربعة مراحل مر بها الإمام المهدي ، بحيث أن كل مرحلة كان لها رؤى مميزة في ذلك الوقت تنتمي إليها ، فإذا دخلنا في مرحلة جديدة كانت الرؤى تكشف لنا معالم المرحلة الجديدة بما لا يختلط مع المرحلة السابقة ... فهذا النسق والترتيب العجيب يرشد بالفعل أننا أمام ظاهرة حقيقية ما زالت بالنسبة لنا في طور الغيب لكن دلائل الرؤى ترشد أنها في كل لحظة ممكن تنكشف ، ولو اختلط علينا التوقيت في سنة أو سنتين أو حتى ثلاثة .. فهي لا محالة ظاهرة حقيقية واقعية في كل لحظة قد تسفر عن وجهها الحقيقي .

بل العجيب أن عالم الرؤى قد كشف لنا القصة كاملة تدريجياً ، وأشبه القصص بها هي قصة غصن الرب التي سبق أن وضعت سلسلتها هنا ، فمن نظر لهذه السلسلة ونظر لمجموع الرؤى يجد أنهما خرجا من مشكاة واحدة .

هنا قد يسأل سائل : لماذا لا نكون واهمين في تقييم المرحلة كمن سبقنا ، ولا يكون المهدي في زماننا ؟

الإجابة على هذا السؤال يحتاج مقالة موسعة ، لكن خلاصتها هو أن كل دلائل الحال والقرائن والرؤى وسير الأحداث ومدلول الروايات كلها ترشد بقوة إلى أننا في زمانه حتماً .. لكن قد نخطئ فقط في فهم التوقيت الحقيقي للبداية ، أما أصل الظاهرة وكونها في زماننا فهذا بالنسبة لي أمر قد فرغت منه ووصلت لقناعة قوية جداً أننا خلال وقت قليل سننكشف على مرحلة الإمام المهدي ... لكن بعيداً عن الفهم الفج للرؤى والمنهج العاطفي في التعامل مع الأحداث والذي يجعلنا ننتظر بالساعة والشهر والسنة 

يتبع ...