بسم الله الرحمن الرحيم
أعجبتني كلمة للشيخ الشعراوي قال فيها أن الإسلام كالماء : لا طعم ولا لون ولا رائحة ولكنه سر الحياة ولا يختلف عليه اثنان .
كلمة حق : الإسلام دين الفطرة وهو سر حياة الروح كما أن الماء سر حياة الجسد ، وإذا حكم الإنسان فطرته وعقله لا محالة سيختار هذه الرسالة لأن في الإنسان نزوع نحو فطرته ،،، والشهوات والمعاصي والأهواء هي التي إما بتخذير داعي الفطرة وإما بإماتته عند البعض ،،، لذا وصف القرآن لبعض من يمشي على الأرض أنهم أموات أو قبور تمشي على الأرض إنما يقصد بذلك أنهم أقوام أماتوا في داخلهم داعي الفطرة هذا النازع القوي الذي يدعوهم للإيمان برب واحد مدبر للكون ومتصرف فيه ، وهو النازع الذي يدعوهم للفضيلة .
فتوصيف الإسلام بالماء توصيف في محله ،،، والماء الذي لا يختلف فيه هو هذا الماء المجرد عن صفات اللون والطعم والرائحة ... لكن إن تغير لون الماء أو طعمه أو رائحته ،،، عندها تختلف الأذواق في التعامل معه ... فأنا لا أختلف مع غيري في حاجتي للماء ... لكن لو جاء لي بماء ممزوج مع عصير برتقال أو فراولة أو قهوة أو غير ذلك ،،، فهنا تختلف الأذاوق فما يعجبك قد لا يعجبني ، وما تستطيبه قد لا أستطيبه .
لذا كان المحافظة على بقاء الإسلام بدون الألوان كالماء هو سر قوة الإسلام ونقاؤه وتعانقه مع الفطرة لكن إن دخلت الألوان والطعوم والروائح ،،، كان هنا الاختلاف .... وهذا وجه كون الحزبية ممقوته في الإسلام لأنها محل الاختلاف ،، وتخرج الإسلام عن صورته الأصلية وتخرجه من دائرة الفطرة ... نحو داعي الهوى والفئوية والشركية ، لذا جاء التحذير في القرآن من التفرق والحزبية ، والتأكيد دائماً على إبقاء الإسلام على صورته الحنيفية ، يقول الله سبحانه وتعالى [ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (159)مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ] ( الأنعام )
هذه الآية فيها تحذير من مزج الماء بأي طعم أو لون أو رائحة تخرجه عن ماهيته ،،، إنها الحزبية التي تفرق وتختلف معها الأذواق ... لذلك بينت الآية أنك يا محمد لست من هؤلاء في شيء ، ثم ردنا القرآن إلى داعي الفطرة داعي الملة وهو ملة إبراهيم دين الحنيفية أو الدين القيم على الفطرة .
يقول الله سبحانه وتعالى : [ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) ] ( الروم ) وهذه الآيات تردنا من جديد لداعي الفطرة محذرة للأمة من الشرك ثم بينت أن الشركية هي فيمن فرقوا دينهم وصبغوه بغير صبغة الله من خلال ألوان ابتدعوها وأحزاب يفرحون بها ويتناصرون بها ويجعلونها معياراً للحب والبغض والولاء والبراء ... إنه نزوع بالماءعن حقيقته إلى غيره وهنا الاختلاف والفرقة وبها تتسلل الندية والشرك من دون الله ... او هي تقطيع للأمة ولعواطفها وآمالها ومعتقدها يقول الله سبحانه وتعالى [ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) ] ( المؤمنون )
الإسلام كالماء ... الماء سر حياة الجسد ... الإسلام سر حياة الروح ومعاني الإنسانية .. إضفاء لون أو طعم أو رائحه للماء يخرجه عن ماهيته وأثره الحيوي ومدعاة لاختلاف الأذواق .... تسلل الحزبية للإسلام هو إضفاء لون جديد للإسلام .. وهو مدعاة للفرقة والاختلاف .... السلامة في البقاء مع صبغة الله بعيداً عن التلون بأي لون يبتدعه البعض يقول الله [ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) ] ( البقرة )